هل يوجد إله؟

caravan.gif (1087 bytes)

.. تقديم

! ربما ترى أنه من الغريب أن نحاول هنا الاستمرار في التدرج إلى محاولة إثبات وجود إله لنا ، أو لهذا العالم من حولنا ؟ فالبعض يرفض تماماً فكرة وجود إله ! والبعض الآخر – وهم أخوتنا المسلمين – يقولون لنا لماذا تكتبون لنا عن هذا الموضوع فنحن به عارفون ، فنحن نؤمن بإله ، بل ونوحده ( أي من الموحدين الغير مؤمنين بتعدد الآلهة) ؟

فنقول لهؤلاء ، لو أنكم تؤمنون بإله لما كان هناك خلاف حوله ، وجدل كبير حول ذاته ؟

! بل إنه من اللازم علينا أن نضيف إلى هؤلاء كلهم المسيحيين الاسميين ، الذين ولدوا فقط في كنف كنيسة وحاولوا إرضاء الله ببعض أعمالهم ، معتقدين بكفاية معموديتهم وهم أطفال على يد كاهن

لكن لماذا نكتب نحن عن الإيمان بالله ؟

الكلام عن الإيمان بإله – الله – إذا ما صدر من هيئة دينية ( أقصد هنا أي هيئة دينية ، سواء كانت إسلامية أم مسيحية ) أشبه ما يكون بالوضع الذي أجاد وصفه " كير كيجارد " في مثله الشهير ، والذي استعاده حديثاً " هارفيه كوكس " في كتابه " المدينة الزمنية " ، وأعني هنا مثل البهلوان(1) الذي أخذ يصرخ " النار ، النار " . فالقصة المعنية تجري حوادثها في الدانيمارك ، وتروي أن النار اندلعت فجأة في مدينة للملاهي متنقلة . وللحال أرسل مدير هذه المدينة بهلواناً ، كان قد ارتدى زي الاستعراض ، إلى القرية المجاورة التي يتهددها امتداد النيران عبر حقول القش . أسرع البهلوان إلى القرية يستغيث بسكانها لنجدة مدينة الملاهي المنكوبة . لكن القرويين الذين تراكضوا على صراخه ، ظنوا في الأمر خطة دعائية ماهرة تروم استجلابهم إلى حفلة الاستعراض ، فطفقوا يصفقون له مستغرقين في الضحك . أما البهلوان فكان يود بالحري لو تمكن من البكاء . وعبثاً راح يبذل جهده في استمالتهم وإقناعهم بأن المسألة ليست مسألة دعاية ، بل إن مدينة الملاهي تلتهما النيران فعلاً . لكن كلما ازداد إصراراً ازدادوا هم استغراقاً في الضحك وإعجاباً بحسن أدائه لدوره المفترض . وأخيراً ، حينما ضربت ألسنة اللهب في القرية ، أدرك الجميع أن أوان التصدي لها قد فات . وهكذا خربت القرية ومدينة الملاهي على السواء.

يستعين " كوكس " بهذا المثل لتصوير وضع رجل الدين المسيحي المعاصر ، فالبهلوان العاجز عن جعل الآخرين يفهمون كلامه ، يرمز إلى " رجل الدين " . فهذا الأخير ، وقد تدثر بزي القرون الوسطى ، أو أي عصر ماضٍ آخر ، لا ينظر إليه الناس النظرة الجدية المبتغاة ، إذ مهما كان نوع الكلام الذي يقوله ، يظل هو موسوماً بسمة دوره . أي أن الناس ينظرون إليه نظرتهم إلى صاحب دور يقوم بالدور الموكول إليه ، مهما بذل من جهد ومهما اعتمد من أساليب لإقناعهم بجدية الوضع الذي يعرضه ، فهم مقتنعون ، مسبقاً ، بأنه إنما يلقي كلاماً من النوع الترويحي ، وبأنه يؤدي دوراً تمثيلياً لا علاقة له بالواقع . لذا تراهم يستمعون إليه باسترخاء غير عابئين بأقواله .

! وما أقرب هذه الصورة بنا نحن " المتنصرين " ، فكم كنت أشبه – أنا شخصياً - هذا البهلوان حين حاولت إعلان إيماني لأهلي مستخدماً اللغة التي تعلمتها من الكنيسة !، وكان كلما رفضوا أن يستمعوا لي ازددت أنا في المحاولة في التأثير عليهم ، لكن كل هذا كان بلا جدوى

. وكم كان مشجعاً لي حين تقابلت مع صحفي شاب عربي ، ملحد ، دفعني أخ لي إلى محاولة إقناعه بوجود إله – الله – إلا أنه فاجأني بالقول : " إن أردت محادثتي عن وجود إله ، دع القرآن والإنجيل جانباً " . وعندما سألته : " وماذا تريدني أن أستخدم ؟ " ، أجابني قائلاً : " هذه مشكلتك أنت ؟ "

! نعم لقد كانت هذه مشكلتي ، فقد كان على أولاً أن أسمعه ، أن ألتحم به ، ولا أمثل دور المحب له ، بل أن أتعلم أن أحبه ، وهو يستطيع أن يفعل ذلك لو سمعته

. تقول ألا أدريه بأن الله لم يصنع الإنسان ، لكن الإنسان هو الذي صنع الله

. بل يمكننا أن نذكر ما كان يقوله كبار الفلاسفة الذين نقدوا الوعي الديني من أمثال " فويرباخ " الفيلسوف المادي الذي هاجم المسيحية بعنف ، ورأى أن الدين ضرب من الاغتراب : فهو أفكار الإنسان التي يخلعها على موجود في العالم الخارجي ، فهو يتمنى أن يكون قوياً ، لكنه يحس أحياناً بالضعف فيسقط هذه الأمنية على موجود في الخارج يتصور أنه " قادر على كل شئ " ، وهو يتمنى أن يكون عالماً ، لكنه يحس أحياناً بالجهل ، فيسقط هذه الأمنية على هذا الموجود الخارجي الذي يتخيله " عالماً بكل شئ " ، وكذلك في فكرة " الخلود " وغيرها

ففي عالم محاط بالموت من كل الجوانب ، تقف علامة " لا " في مواجهة الموت وقفة أكيدة ، ومعها الإحساس بأن هناك الكثير ، من أين يأتي إحساس كهذا ؟ هل في الإمكان أن علامة السمو والتفوق هذه أو التبرير الأسمى هو آت من الله ؟

فهل يوجد اله ؟

أن كان كذلك فماذا يشبه الله ؟

. هذه الأسئلة الهامة هي موضوع هذا الدرس

: تخطيط الدرس

هل عدد الملحدين كثير ؟

. أسباب اللادينية أو الإلحاد

. الإلحادية و اللا أدرية

. مسالة البرهان على وجود الله

. الدليل الثانوي الأول

. الدليل الأساسي الأول

. الدليل من علم البديهيات

. الله كعاقل و ليس كغير عاقل

. تحــــدى

: أسئلة للتفكــير

- ما هو الفارق بين الملحد و اللا أدري ؟ -1
– هل يمكن إثبات وجود الله بنفس الطريقة التي تثبت بها بأن الماء يتكون من جزيئين من الهيدروجين و جزئ من الأكسجين ؟ -2
– كيف يمكن أن يستخدم عقلياً الدليل الثانوي الأول كدليل لإثبات وجود الله ؟ -3
– كيف تختلف مبادئ البرهان الكوني عن البرهان الغائي( الموجه نحو الغاية ) في الأساس؟ -4
– كيف يمكن أن يستخدم الدليل الأساسي الأول عقلياً لإثبات وجود الله ؟ -5
– ما هو برهان علم الوجود و حقيقته ؟ -6
– هل البرهان الأخلاقي و علم الجمال يمكن أن يستخدم كمؤشر مؤثر نحو إله شخصي ؟ -7
– هل يمكن أن تدعو الله بضمير العاقل ؟ -8
– هل اختبرت حقيقة الله بالتكلم معه مباشرة في الصلاة ؟ -9

: مفـــردات للدراســة

. اللا أدريه : هو الاعتقاد بأن أية حقيقة مطلقة ( كالله ) هي غير معروفة و من الجائز غير معرفة

الثانوي : حرفياً يعنى الدليل المتأخر و هو النتائج التي يمكن الوصول إليها بواسطة ملاحظة الحقائق عقلياً و توضح

. السبب أكثر من النتيجة ( من النتيجة إلى السبب )

الأولى : حرفياً بمعنى الأولى الذي يتقدم من السبب إلى النتيجة – استنتاج منطقي يشير إلى أو يستنبط من منطق

. الغرض للبرهان الذاتي . السابق افتراضه بالتجربة

. الإلحادية : مذهب أو موقف ينكر وجود الله

. الكـونيـة : تتعامل مع الكون كنظام عام ، معالجة الأصول و البناء و الفراغ والزمن المتعلق بالكون

. غائي : و هو الذي يعالج دليل أو غاية – وجود الطبيعة ، أو العمليات الطبيعية الموجهة لغاية أو المرسومة بهدف

تطوير الدرس

.. يقول بعضهم إن الادعاء بأن براهين وجود الله ذات قوة مقنعة لا ترد ، إنما هو ادعاء ضعيف ! أما نرى حولنا ، وفي كثير من الأقطار أناساً ينتمون إلى جميع الطبقات الاجتماعية والمستويات الفكرية والثقافية ، يعلنون أنهم على الإلحاد ، ويعيشون وكأنهم غير مسئولين أمام ما يسميه المؤمنون " الله " ؟

فالإلحاد حدث خطير وواقع ناشب في العالم . فمن الضروري إذن أن نتوقف عنده قليلاً للنظر في واقعه وأسبابه . وأول سؤال يتبادر إلى الذهن هو :

هل عدد الملحدين بين الناس كبير ؟

أي هل هناك في صفوف البشر كثير من الملحدين الحقيقيين الذين يتخذون من الإلحاد مبدأ سلوك وحياة ؟

! من البديهي أننا لا نعني بالملحدين أولئك الذين ترعرعوا وتربوا بعيداً عن كل تأثير ديني ، أو الذين تعودوا أن يقصوا عن مجال اهتمامهم الله والدين والمشاكل الماورائية ( الغيبية ) ، فهؤلاء جهلة ، لا ملحدين

! ولا نعني أيضاً أولئك الذين ، بعد طفولة في مناخ الدين ، تناسوا الدين مع متطلباته ، حين دخلوا معترك الحياة والعمل بدافع من الإهمال والفتور وعدم الاكتراث ، فهؤلاء ليسوا بملحدين ، بل هم لا مبالون

! ولا نعني أيضاً أولئك الذين تنتابهم الهواجس و ينهشهم الشك في أمر الإيمان ، أو الذين يفتشون عن الطريق السوي إلى الحقيقة ؛ فهؤلاء ليسوا بملحدين ، بل قلقون ومرتابون

! ولكننا نعني أولئك الذين ، بعد تفكير طويل ودراسة عميقة ، يعتقدون ، بيقين تام وهادئ ، أن الله غير موجود

! فهؤلاء ، هل هم كثيرون ؟

. من حيث المبدأ : لنفترض أن عددهم كبير ، فهل يهزمون بضخامة هذا العدد حقيقة وجود الله ؟ كلا ! فإن هذا العدد يصطدم دوماً بالإجماع البشري حول وجود الله

! من حيث الواقع : إن الصدمة التي يتلقاها البرهان بالإجماع البشري نتيجة إلحاد عدد الملحدين الحقيقيين المقتنعين الهادئين ليس هو في الواقع إلا ضئيلاً . أما نرقب ، غالباً في الذين يتبجحون بالإلحاد الاضطراب ؟

: ولنا ملاحظات لما ينم على قلقهم وشدة ارتيابهم

! فالملحدون يكرهون الله ، ويلاحظ ذلك في كتاباتهم وتصريحاتهم . ولكن ، إذا كان الله فكرة ينقصها الوجود ، وهي على كل حال فكرة جميلة ، فلم إذن الشتم والتجديف ؟ ، وإذا كان الله في حيازة العدم ، لاوجود له ولا شعور ، فلم يهدده الملحدون بقبضات أيديهم ؟

! وإلحاد الملحدين ليس نتيجة أو نقطة وصول لمذهبهم الفكري ، بل هو نقطة انطلاق له ؛ ودليل ذلك سعيهم الدائب بلا هوادة وراء بينات جديدة لإثبات عدم وجود الله .فإنهم يهملون نظاماً فكرياً للأخذ بآخر يتناقض أحياناً مع الأول ؛ وفي جميع هذه التقلبات لا قصد لهم إلا التوصل إلى نفي وجود الله . فالإلحاد عندهم ليس نتيجة برهنة أسلوبية ، بل حكم تقرر من قبل يحاولون جاهدين تأييده ودعمه

! وإذا وقفنا بالملحدين أمام سرير الموت ، وجهاً لوجه أمام المجهول الأكبر ، فماذا يكون من أمر إلحادهم ؟ كم منهم في تلك الساعات الأخيرة الرهيبة ينكرون إلحادهم وينضمون إلى صفوف المؤمنين التائبين ؛ وكم منهم يثور قلقهم واضطرابهم أمام ذلك " المجهول " الرهيب في ختام " مغامراتهم " على الأرض

. فموقفهم هذا يظهر بجلاء أن الطمأنينة الوحيدة والعقيدة لم تكونا من نصيبهم إبان حياتهم ؛ ولكنهم كانوا لا مبالين أثناء تمتعهم بالصحة

ولا تظهر قيمة هذه البرهنة بجلاء إلا حين نثبت أن التاريخ لم يسجل قط في صفحاته أسماء مؤمنين أنكروا الإيمان في الساعات الأخيرة وانضموا إلى صفوف الملحدين ..

. فجميع هذه الدلائل تشير إلى أن عدد الملحدين الحقيقيين في العالم أقل بكثير من الذين يظنون أنفسهم ، أو نظنهم لا دينيين ملحدين . وجميع المراقبين يشاطروننا هذا الرأي

. أسباب اللادينية ، أو الإلحاد

. السؤال المطروح الآن هو : كيف يخسر المرء الاعتقاد بالله بعد الإيمان به رغم تلك الشواهد الواضحة ، والمتوفرة لديه ؟ إن هذا التراجع العقلي هو ، في العادة ، نتيجة التأخر الأدبي ؛ فالمرء لا ينسف ، على وجه الإجمال ، قانون الإيمان إلا بعد التمرد بخبث وعناد على وصايا الله وصوت الضمير

. فبتأثير الأهواء الثائرة يتمنى المرء لو أن الله غير موجود . ويمضي هذا التمني ليزداد قوة ونمواً حتى ينتهي إلى الاعتقاد بعدم وجود الله . فالإنسان يقطع إذن مرحلتين قبل بلوغه الإلحاد

.. المرحلة الأولى : الأهواء تقود إلى التمني

. إن بعض الأهواء في الإنسان ، مجتمعة كانت أم منفردة ، بإمكانها أن تدفع به إلى اعتبار الله فكرة تضايقه وتحرجه ، وإلى تمني حذفها من الوجود

. الكبرياء : يعتقد بعضهم أن الله فكرة مذلة لا تتفق وكبرياء الإنسان الذي يبغي أبداً الاستقلال والتحرر من كل قيد . فـ "هيجل " مثلاً كان يبدي للدين والإيمان كل استخفاف واحتقار -1
. الخيلاء : والخيلاء تحمل بعضهم على التفرد والتميز بالتصرف والرأي جلباً لأنظار الناس ، وتدفع بهم إلى أن يتظاهروا بأنهم أكثر علماً من غيرهم وأشد تحرراً في التفكير -2

. والإلحاد يحقق هذا المأرب ، فإنه يجعلهم منفردين متميزين ، ويظهرهم ثائرين على المألوف المتواتر ، مفكرين في ما لا يفكر فيه غيرهم

. الطمع في المال : وأهل الطمع في المال يودون الانفلات من كل حد وقيد لبلوغ مأربهم ، فيجدون فكرة الله لاجمة ، معيقة ، فيسعون إلى خلعها وتقويضها. فإذا كان هناك إله موجود فعلينا أن نؤدي له حساباً دقيقاً عن المال الذي امتلكناه بالطرق الشرعية أو غير شرعية ، أو الذي أسئ استعماله -3

وتلك الهواجس ، والأفكار مقلقة ومنغصة حتى أن أصحاب الطمع المفرط يلجأون إلى الإلحاد كمخدر ومسكن ‍

. الدعارة ، أو الرغبة الشديدة في الملاذ الجنسية : فهذه الرغبات لا تجد لها رادعاً مثل فكرة " وجود الله " . فتحمل العقل على إنكاره حتى يفسح لها المجال . والملاحظ أن غالبة الانهيارات العقائدية تحدث إبان سن المراهقة والشباب ، وأن الإيمان ينطفئ في الكثير من الأحيان حين تشتعل نيران الشهوة الجنسية -4

. المرحلة الثانية : الرغبة تقود إلى الاقتناع

. من طبع الإنسان أن يميل إلى الاعتقاد بما يرجوه ، وينفي أيضاً بسهولة ما يخافه ، ويحاول التخلص مما يكبله ويعيقه

. فالملحد يشعر أولاً بالخوف من الله ، فيفكر في نكرانه ، ثم يصرح بأنه لا يؤمن به ؛ ثم تتعاقب هذه التصريحات متكررة فتصبح مع الأيام جدية ، وتنتهي بالعقل إلى اتخاذ المنطق الذي رسمته له المشاعر

. ربما أنت في حالة مماثلة ، وان كان كذلك فلا تفشل إذ يوجد أمل وتوجد إجابة صحيحه لمشاكل الحياة

ما هي الإلحادية واللا أدرية ؟

: الإلحادية

:( هي مذهب أو موقف ينكر وجود الله ، هذا بشكل عام . لكن هناك ثلاثة أشكال للإلحاد المعاصر(2

. الإلحاد النظري : وهو مذهب ينكر وجود الله أو يرفض إثباته ( عن شكوكية أو نسبية أو لاأدرية أو وضعية جديدة )

. الإلحاد العملي : وهو موقف من يعيشون كما لو كان الله غير موجود

. الإلحاد الكاذب : إلحاد الذين يظنون أنهم لا يؤمنون بالله ، مع أنهم في الواقع يؤمنون به دون أن يشعروا ، لأن الإله الذي ينكرون وجوده ليس هو بالله ، بل هو شئ آخر

. فإن كنت مقتنعاً بأنه لا إله من أي نوع ، وإن كان فكرك قد استمر على هذا المنوال ، فنفع هذا الدرس قليل بالنسبة لك

. ولكن إن كنت تتخذ موقف المدافع عن الإلحاد بصوت منخفض أو إن كنت غير راض بالإلحادية كحالة عقلية وروحية ؛ حينئذ اقرأ ولاحظ الدليل على صحة وجود الله في العالم اليوم

غالباً ما يسمى مارتن لوثر ( 1483 – 1546 ) بأبي الإصلاح وقد قال مرة : " إن الله هو ما نعلق قلوبنا عليه " سواء كان قوة أو علماً أو ثورة أو مالاً أو دولة أو أياً من ألف شئ آخر. كل منا يعتمد على شئ ونعطى جل اهتمامنا له بهذا المعنى يستحيل وجود الإلحاد الحقيقي ، لأن كل واحد يعلق قلبه على شئ واحد على الأقل هذا الشيء الواحد يصبح إلهنا .

لذا فالسؤال المطروح غالباً هو : بماذا تؤمن ؟

أما الإيمان المسيحي الأصيل ، فليس في الأساس تصديقاً لأفكار أو اعتناقاً لمبادئ ، إنما ارتباط صميمي بشخص حي ، هو الله . في منظار كهذا ، لم يعد السؤال اللائق هو : بماذا تؤمن ؟ بل : بمن تؤمن ؟

! وهو السؤال الذي يجب أن يجيب عليه كل من يلقب نفسه بـ " الملحد "

: اللا أدرية

. في عصر فني كعصرنا ، يبدو أن أللا أدرية هي حالة تستميل وتجرب الكثيرين فـ " أللا أدرية "هي وجهة النظر التي تقول بأن معرفة الله محدودة أو مستحيلة . فلا يمكن إثبات وجود الله كما لا يمكن إثبات العكس أو إنكار وجوده

. وطبعاً موقف كهذا يقود إلى حالة مفرغة ولا نهاية لها ، والحالة تلك لا إجابة لها ، وهي حالة -حتماً- تقود إلى اليأس

أن كنت في مثل هذه الحالة ويمكنك أن تقول في إخلاص : " أنا فقط لا اعرف!"

. عندئذ فأنا أشجعك على ملاحظة ومراعاة الصفحات القادمة ، ليس فقط بذهنك ( العقل ) لكن أيضا بقلبك ( الإرادة )

: لاحظ شاب المشاكل المعقدة التي يواجهها أناس القرن العشرين فكتب قصيده عنوانها " البحث عن المعجزات " وأرسل هذه القصيدة إلى قسيس مشهور – كتب عليها مذكرة جاء فيها " أرجو أن تتحقق " ، وسواء تحققت أم لا بالنسبة لهذا الشخص فأنا لا اعرف إلا أن أقول

إني انتظر معجزة في حياتي

إني انتظر ذلك المجهول

... الذي لا يدين ...

... الذي يقبلني كما أنا ....

... الذي ينهى كل صراع ...

... الذي يريدني أن أكون حرا

. إني انتظر ذلك المجهول الذي يعتني بحق .. الذي يجعلني أرغب في الجرأة

. الذي يهبني الواقع

الذي يجعلني أقف على أرض لم اقف عليها قبلاً أنى انتظر ذلك الشخص ..

. الذي يسميه كل شخص آخر - الله

: مشكلة البرهان على وجود الله

. واجه لويس كاسليس مسألة إثبات وجود الله وهو يقول : "هل يمكن إثبات حقيقة الله ، لكي نقدم لك إجابة صادقة ثابتة لا تهتز ، فهذا من الممكن .. ولكنك أنت وحدك الذي يمكنك أن تثبت هذا لنفسك – فلا أحد يستطيع أن يثبته لك

. وتوجد الكثير من القضايا التي قد تقود له ، إلى الإيمان بأن وجود الله إمكانية معقولة ، ولكن الدليل الوحيد الذي يحل المشاكل في النهاية ويطرد عنك شكك هو اختبار حقيقته لنفسك "

إني اتفق مع لويس كاسيلس أنك لكي تثبت وجود الله من خلال الأدلة العقلية فقط فهذا مستحيل . لكن توجد المؤشرات الكثيرة القوية و التي تفرض نفسها و التي تقود إلى " إثبات وجود الله " .

: في مناقشة دليل وجود الله سوف لا ألجأ كثيراً إلى الكتاب المقدس كمصدر . وذلك من أجل سببين

أولهما : وجود الله قد أوضحه الكتاب المقدس . فالكتاب المقدس يبدأ بدليل بسيط عن عمل الله " في البدء خلق الله ... ( تكوين 1:1 ) و يستمر متخذاً وجود الله عن يقين وبغير تساؤل و كما وضحه أحد اللاهوتيين قائلاً : " انه لا يبدو لأي كاتب بان أمر وجود الله كان في نظره يحتاج إلى دليل لإثباته ، لا في العهد القديم و لا في العهد الجديد ، ففي كل مكان و في كل زمان هي حقيقة ثابتة ".

. ثانيا : أولئك الذين يفحصون مزاعم المسيحية و أولئك المتشككون في أمر وجود الله يحتاجون إلى دليل آخر بجانب ما يقوله الكتاب المقدس فهم يتشككون في سلطان الكتاب لذلك فنحن سنعتمد الأدلة العقلية و المنطقية لوجود الله

: الدليـل الثانوي الأول

. الدليل الثانوي الأول هو دليل الحقائق الملحوظة . فهو ينظر إلى النتائج و منها ينتقل راجعا إلى الأسباب . فهو يؤسس العلة على النتيجة الملحوظة

. يعتبر توما الاكوينى ( 1225 – 1274 ) أحد المفكرين المشهورين في التاريخ البشرى إذ قدم دراسته المشهورة " الطرق الخمس " التي يبنى على أساسها " أمر الوجود الإلهي " فهذه المادة وقفت ولزمن طويل كبحث كلاسيكي أدنى – و من الجميل أن تلاحظ بأنه اليوم يوجد تجديد في الاهتمام في هذه المؤشرات عن الله

. وهذه الأدلة البحثية " قد خاطب بها أولا توما الاكوينى لرجال الفكر"، مقدما لهم أسبابا عن " لماذا يجدر بالعاقل أن يؤمن بوجود الله "

:الحـركــة

. كل ما يتحرك يتحتم انه يتحرك بواسطة شيء آخر ، هذه الحركة ليست عملية غير محدودة ، لذلك تتخذ في النهاية طريقك راجعاً إلى " المصدر الأول للحركة و الذي يتحرك دون مؤثر آخر ومصدر كهذا يفهمه جميع الناس على أنه هو الله "

. هذه هي كلمات الاكوينى نفسه ، و هي نفس الفكرة التي ذهب إليها أرسطو قبل المسيحية حين تحدث عن محرك لا يتحرك فبعد تحليل الجوهر و الحركة في الطبيعة استنتج أرسطو بأن المحرك الأول أو المبدأ الأول يتحتم وجوده و الفحص لما ذهب إليه يظهر أنه عن طريق الطبيعة أنها تعتمد على الله في وجودها . و بدون هذه العلة الأولى لا يوجد على الإطلاق وجود

:الســببيـة  

. من المستحيل أن يكون شيء ما علة نفسه . فهذا يقود إلى ما لا نهاية من العلل و التناقضات – لذلك لا بد من وجود علة أولى في مكان ما . لذا ،من الواجب علينا أن نفترض علة أولى . و كل الناس يسمونها الله

. حقا فإن هذا لم يضف شيئا إلى فكرة الاكوينى الخاصة بالحركة

و لكنهما إذ يؤخذان معاً ، فهما تنوع لما يمكن أن يسمى بالقضية الكونية في القرن الثالث عشر ، وقد ظلت ثابتة ولم تقابل بتحدي يذكر سوى من جانب قلائل من الكتاب والعلماء .

: الإمكانية و الضرورة

: أن القضية الثالثة للاكوينى مأخوذة عن الضرورة و الإمكانية و هي كآلاتي

. أن الاختبار يقودنا إلى استنتاج أن كل الأشياء ليست مستقلة و حقا كل شيء يعتمد على آخر في وجوده ، فالأشياء أما قادرة على الوجود أو هي ليست موجودة . فهي ممكنة "أن تكون أو لا تكون "و لكن من المستحيل لكل الأشياء أن تكون دائمة الوجود

. و لكن إن كان كل شيء من الممكن ألا يوجد حينئذ ففي وقت ما لم يكن شيئا موجوداً . لكن هذا ليس منطقيا وذلك لأنه من لاشيء لا يمكن أن يكون شيء لذلك يجب أن يكون شيء وجوده ضرورة للوجود و هو من يتحدث عنه جميع الناس بأنه الله . فكل شيء عدا الله يعتمد على شيء آخر ليأتي به للوجود

: تـدرج الوجــود

... تدرج الوجود الكامل في الكون " إن بين الكائنات من هم أكثر أو أقل صلاحاً و صدقاً و نبلاً و هكذا

هذه الأشياء قيل عنها أنها خيرة أو أقل خيراً " بحسب درجاتها المختلفة من القرب لمن هو أعظم من الكل " – بمعنى أنه يوجد في الكون مستوى للمقارنة : بالذي هو نفسه كاملاً " و هذا ما نسميه الله " .

: إدارة الكـــون

. هذه ما تعرف على وجه العموم بأنها قضية الغائي – أو القضية من الفرض و التصميم . بمعنى " غاية أو نهاية " فأمر و ترتيب الكون يظهر بأن هدفا و قصدا و غاية من ورائه توجد " الأمور " لكنها لا تعرف بعد فهي تتم فرضاً لا صدفة بل بالتصميم و القصد و النية – وحيث أن هذه النية ليست من نفسها ، فهي توجد في كائن عاقل " به كل الأشياء الطبيعية " و قد توجهت نحو غايات و هذا الكائن العاقل نسميه الله

أن الخمس طرق لتوما الاكوينى يمكن اعتبارها خمس قضايا متميزة متصلة ببعضها ، أو كأنها دليل واحد ذو خمس جوانب . يوجد بعض الفلاسفة المسيحيون الذين جادلوا هذه الناحية ، و قالوا بأن هذه الخمس قضايا تعتبر قضية واحدة .

. وأنى أتفق مع من يقول بأن فكر الاكوينى يحوى بعض الضعف لكنها في نفس الوقت إن أخذت القضية ككل فهي صحيحة . و لها تأثير فعال – و القضية تخدم كمؤشرات لكائن أو لعلة أساسية أولية عاقلة ، حرة أزلية ، لا حدود لعظمتها – والضعف الأساسي لهذه البراهين أنها لم توضح الله في تعبير الشخصية والحب و الاستجابة للإنسان والعالم ، لكن هذا سنعالجه فيما بعد

:الدليـل الأساسي الأول

. الوسائل الأولية هي التي تتقدم من العلة إلى النتيجة أو تعرف بأنها الدليل الذاتي و تعرف بأنها صواب بعيدٌ عن الملاحظة أو الاختبار . بهذا المعنى يقول الدليل الأساسي الأول لوجود الله بأن هناك شيئا عميقاً في داخل كل إنسان يدرك المسئولية تجاه آخر ... هناك

:نظـرية الـوجــود

خلال العصور الوسطى ظهر رجل ديني باسم " أنسلم " من كانتربرى ( 1033 – 1109 ) مفكر أصيل هو صاحب هذه القضية . بدأ أنسلم بالآية الكتابية " قال الجاهل في قلبه ليس إله "( مزمور 14 : 1 ) ، فبالنسبة لأنسلم : الإنسان لا يمكنه التفكير في كائن أعظم من الله . فالإنسان هو مركز عالم يؤمن بوجود الحق و جميع الناس لديهم القدرة على معرفة الله . و على هذا الأساس طلب أن يبرهن على وجود الله بفكر الله نفسه . " الكائن الأعظم المدرك " و مع أن عبارة أنسلم لم تثبت وجود الله غير أنها أظهرت حتمية وجود الله و أنه غير محدود و كامل . فالله كائن بالمعنى السامي و الحقيقي .

: الفكـرة الفطـرية عن الله

. اعتبار الفكرة الفطرية عن الله هو مماثل للقضية الوجودية و في صورتها البسيطة تقول بأن كل شخص يولد و قد غرس في ذهنه فكرة اعتبار الله – وإذ يكبر الإنسان تتضح أكثر فكرة الله أو- تقوى الانطباع - ومنها جاءت الفكرة بأنه لابد أن يكون هناك إله – و الآن قد يضعف هذا الإحساس في الشخص أو يذهب عنه إلى جوانب اللاشعوري – لكن خلال الأزمات قد يستيقظ هذا الإحساس فجأة

نقول هذا بطريقة أخرى وهى أن الإنسان له بناء تديني طبيعي أو تديني مطلق نظير التفكير و غيره .

: محدودية الإنســان

. نحن نذكر دائما محدوديتنا ، و بحسب قول أرسطو طاليس في تعريفه للإنسان : إنه كائن محدود " للإنسان إحساس بمحدود يته"

وفي هذا القرن يوجد شعور بضعف الإنسان ، فنحن نعيش عصر التشاؤم – فرعب الحرب والخوف من الذرة وغير ذلك من اختراعات العصر جعلت الناس يتساءلون ما هو معنى حكمة الإنسان الحديث وخيره في هذه الأمور ؟ وبعض كتابات التيار الأدبي تعبر عن محدودية الإنسان – الشعور بالعدمية – يبدو وكأنه قد تمكن من إنسان اليوم وخاصة بين الجيل الأصغر سناً .

. أنه عندما يشعر الإنسان بإحساس عميق بمحدود يته يجابهه غير المحدود – الله – لقد عرف بعض اللاهوتيين بأن في كل إنسان " إحساس بالاستقلال " وبعد ذلك يجب أن يتحقق الإنسان بأن الله هو الشخص الغير محدود الذي يجب أن يعتمد عليه

:الدليل من علم البديهيات

. علم البديهيات هو تعبير يعنى " دراسة القيــم " ، وتوجد طريقتان من الأدلة في علم البديهيات تستخدمان كمؤشرين لوجود الله . وكلاهما نشأ من الإحساس بالقيم فالأول يعالج "القيم الأدبية" ، وأما الثاني يتعامل مع "القيم الجمالية"

:( القيمة الأدبية ( الأخلاقية

. أصحاب العقول الكبيرة مثل س . أس . لويس (1898 – 1963 )(3) . وعقل " كارل يونج " (1875 – 1961) وقد آمنت بأن كل إنسان لديه إحساس أدبي وهو موجود في كل شعب وعصر وحضارة معروفة للتاريخ وعلم الإنسان ، وعالم النفس " الفينى فيكتور فرانكل " (1905 ) اعتقد بأن أحد الاحتياجات البشرية الأساسية هي " الإدراك للمعنى " ويقول بأن الإنسان يمكنه احتمال أية آلام إن كان يرى هدفاً أو معناً فيهما ، ومن الناحية الأخرى فهو يصير يأساً حتى في وسط الثراء إن لم يتمكن من أن يجعل حياته تتصل بشيء أكبر ويجعل الحياة ذات معنى

. ويقرر عالم اللاهوت " أوغسطس استرنج "إن الضمير يدرك وجود القانون الأدبي الذي له سلطان أسمى . ومعرفة التعدي على هذا القانون الأدبي يتبعها إحساس الهجر والخوف من العقاب والدينونة ، والقانون الأدبي ، حيث أنه لم يكن من صنع النفس ، والتهديد بالدينونة وحيث أنه ليس من اختلاق النفس ، فهذا يوضح بكل وقار وجود إرادة مقدسة فرضت هذا القانون ، وقوة فعالة تجرى التهديد والعقاب على مخترقي القانون الأدبي الطبيعي . بمعنى آخر فان الضمير يدرك وجود معطى القانون الأعظم وهو الله وضمان عقاب لكل من يتعدى قانونه

: القضية الجمالية

القضية الجمالية تبدأ بالاعتقاد بأن معنى الجمال بين الناس في كل العالم ، وإدراك الجمال في الكون يمكن أن يرى كدليل مباشر لوجود الله الشخصي .

فمثلاً في الطبيعة لا يوجد تناقض ألوان في الورود أو غروب الشمس أو الأشجار بل يوجد انسجام وجمال في الصورة البشرية ، والحياة الحيوانية وفى البحر .

. إن حقيقة أن للإنسان إمكانية جمالية بها يدرك ويقدر الجمال المحيط به ، لهو دليل قوى على هذه القيمة الجمالية الكونية واعتبار ما يوصف أنه " جميل " قد يختلف من حضارة لحضارة ، لكن ليس هذا هو بيت القصيد فالأمر هو أن في كل كائن بشرى عادى يوجد معنى وشعور بالجمال ، وقدرة على إجراء حكم عما هو جذاب ، وأكثر من هذا أن للإنسان قدرة ومهارة على اختلاق الجمال نفسه كالأعمال الفنية السيمفونية ، والأغنية ، ( ترنيمة )، أو قصيدة .كل هذا يطرح سؤالاً : كيف يتطابق جمال العالم وقدرة الإنسان الجمالية تطابقاً مقبولاً ؟ من المحتم أن يكون الأمر بالتصميم والتجديد ولكن التصميم يتطلب عقل والعقل ينبئ عن الشخصية التي تقود مرة أخرى إلى الله

: الإشارة إلى الله بضمير العاقل وليس بضمير غير العاقل

. نحن نستخدم ضمائر شخصية فيما يتعلق بالله – لأن لنا شخصية –هذا سواء كنا نؤمن بوجوده أم لا ، فدائماً ما نوجه كلامنا له ، أو عنه ، مستخدمين ضمير العاقل . فهو الكائن الذي له غايته الظاهرة المقنعة في الكون الذي وضع أمام ملاحظاتنا الفعلية . الله كأساس جميع الكائنات هو غير محدود أكثر مما ندرك عندما نحاول أن نقدم شخصيته في درجة مطلقة . وهو بكل يقين ليس أقل من شخص حي لذلك نتحدث عن الله بضمير العاقل ، لا لأننا نتمسك بأي مقاييس إنسانية عنه ، ولكن لأنه أفضل ضمير صحيح نعرفه

. يقدم لنا عالم الطبيعة الأستاذ "روبرت بويد " وأستاذ علم الفلك في الأكاديمية الملكية البريطانية – مساعدة في هذا الجانب وهو أن الله شخصية ، فيناقش ثلاثة أنواع للمعرفة وهي : المعرفة الحسابية ، المعرفة العلمية ، المعرفة الشخصية

المعرفة الحسابية

. في المعرفة الحسابية لا يوجد سوى العالم فقط ( أنا ) مع بديهياته وافتراضاته … أما في المعرفة العلمية سنجد العالم يتجاوب ويتفاعل مع عناصر الطبيعة .. هنا تتفاعل " الأنا " العاقلة للعالم ن مع عناصر الطبيعة " هي " الغير عاقلة

. إن الوسائل الأولية للحصول على المعرفة الشخصية هو بالمواجهة يمكن أن تسمى أيضا المعرفة الإختبارية ، ومع أن المعرفة بالاختبار تعرف في بعض الأحيان على أنها أضيق من غيرها . فأنا أستخدم التعبير الذي أعنيه علاقة "أنا وأنت" والملاحظة لا بديل لها لمواجهة حقيقية ولتبادل فكرى – والمواجهة الشخصية تشمل الإعلان الذاتي – أو كشف علاقة " أنا وأنت " بدون حجاب

. في هذا النوع الثالث من المعرفة فنحن نرى الله " هو " باستخدام الضمير العاقل وليس ضمير غير العاقل – وكما قال القديس أوغسطينوس يا الله لقد خلقتنا لذاتك ، وقلوبنا قلقة حيرى حتى تجد الراحة فيك "

: تحــــــدى

. إن نقطة الاقتراب من الكتاب المقدس تختلف عما كنا نناقش ، ففي هذا يعتبر الكتاب المقدس وجود الله المحب حقيقة شخصية . ولكن يوجد أيضا فارق آخر وهو أن الكتاب المقدس يعلن لنا بأن الله يبحث عن الإنسان وليس الإنسان هو الباحث عن الله . إنه ليس بكاف أن تقتنع بأن الله موجود وتمضى بعيداً عنه شاعراً كأنك وصلت إلى حل مشكلة فلسفية أخرى . ورغم كل ما قيل فالأمر ليس إثبات وجود الله بالأدلة المنطقية ، بل هو أن الله قد عمل مكاننا وسمح لشخصه أن يعرف منا – الله موجود كالعلة الأولى – المحرك غير المتحرك أساس كل كائن ، أوأي تعبير فلسفي آخر تريد أن تستخدمه . لكن الأكثر أهمية ، فهو الشخص الذي تحدث وعمل في الوضع البشرى عبر التاريخ كله ، فقد كلمنا أولا من خلال إبراهيم ثم عن طريق أنبيائه كما يسجل العهد القديم وأخيرا في أكمل طريقة ممكنة إذ قد كلمنا في ابنه يسوع المسيح بتجسده

. في ختام هذا الدرس أحضك أن تواجه الله ، اختبر حقيقته لقد سمعت عن طالب حق أمين إذ عندما كان يقاوم شكه في الله صلى قائلا " يا الله ، إن كان يوجد الله ، ساعدني لأعرفك وأدركك ، إن كنت تهتم اهتم بي ، إن كنت تريدني تعالى إلى " " آمين

: ربما تحدثت مع كثيرين من أصدقائك عن الله ، أرجو أن تكون قد طبقت هذا الدرس على حياتك ، ربما تساءلت وفكرت في هذه المسألة غالباً من قبل - خذ خطوة أكثر وتحدث إلى الله بنفسك ، فقط تحدث إليه كما تتحدث لصديق قريب ؟ حتى ولو أنك لا تشعر أنه قريب منك في هذه اللحظة . فهذا سيجعلك فوق مستـــوى" الأدلة الباردة " في نطاق المواجهة الشخصية " أنا وأنت " إن كنت تشعر أنك في حاجة لشيء لتبدأ به فيمكنك أن تستخدم نفس القصيدة التي اقتبسناها من قبل وأقدم لك اقتراحا آخر يمكنك به أن تتحدث لله بالطريقة التالية والكلمات الآتية أو ما يشابهها

اسمع يا إلهي ، إنني لم أكلمك قط قبل الآن ،

ولكنني اليوم أريد أن أقول لك : " كيف حالك ؟"

لقد قيل لي أنك غير موجود ،

. وأنا عندئذ ، كأبله صدقت ذلك

ولكنني اليوم ، سمعت عنك البعض من الكثير

ولكنني أريد أن أسمعك أنت

محرري هذه الصفحات يقولون أنهم اختبروا محبتك

ويقولون أنك أعطيتهم الشجاعة لمعرفتك

وأعطيتهم القوة لأن يشهدوا عنك

أريد يا رب أن اختبر هذه النعمة

. فهل تهمس في أذني : " محبة أبدية قد أحببتك ، لذلك أدمت لك الرحمة "

آمين

مراجعة لفحص الــــذات

: الإلحادية واللاأدرية والمسيحية لها اتجاه محدد نحو فكرة الله لكل أساسياتها ومتطلباتها ومستوى قضاياها و ضعفاتها . أي مجموعة أو مجموعات يمكن أن تستخدم هذه القضايا ؟ اكتب الرقم الصحيح أو الأرقام في الفراغ أمام كل حجة 1

. ……….. أ - أنت لا تستطيع أن تتأكد من أي شئ حتى الله

. ……….. ب - كل واحد له شئ هو " الله " بالنسبة له

. ……….. ج - الإنسان ليس بحاجة إلى الله كي يعيش سعيداً

. ……….. د - وجود الله لا يمكن إثباته موضوعياً دون شك

. ……….. ه - إن علامة الضعف النفسي هي الإيمان بالله

. ……….. و - نحن لوحدنا في كون لا يهتم

. ……….. ز - يمكن إثبات الله فقط بالاختبار الشخصي معه

الإلحادية (1)
اللآأدرية (2)

. المسيحيون (3)

. فكرة للتأمـــــل : ما هي ضعفات هذه العبارات ؟ احكم من اختبارك أو معرفتك في الحياة

: من فضلك أكمل العبارات الآتية عن القضايا الثانوية لوجود الله واكتب إجابتك في الفراغ المعطى لك 2

أ - الخمسة طرق قال بها ………………………………………

.. ب - قانون الحركة يشير إلى ……………………………………

.. ج - قضية العلة الأولى هي قضية ……………………………

د - درجات الكمال تظهر …………………………………………

ه - قضية التصميم هي قضية ……………………………………

و - واحد من ضعفات هذه القضايا هي أنها تشير لله فقط

.. كما …………………………………………………………

. ز - هذه أدلة أقل من …………………………. وجود الله

. فكرة للتأمـــــل : هل ترى معقولية الكون ونظامه – أم أنك لا توافق مع الفكرة القائلة بأن قضية الفرصة في أصلها ومسارها في سبيل الحياة كما تعرفها هي استقراء غير سليم

: - من فضلك أكمل هذه العبارات عن القضايا الأولية لوجود الله ، واكتب إجابتك في الفراغ المعطى لك -3

. أ - القضية الوجودية قد وضعها …………………………………

……………………………………………………………

ب - للإنسان المفكر الله هو ………………………………………

.. ……………………………………………………………

. ج - فكرة الله يمكن أن تكون أيضا محاورة ………………………

.. ……………………………………………………………

.. د - كونية الإيمان بالله تعلن أن …………………………………

……………………………………………………

. هـ - على النقيض من هذا ، فان الإنسان يعرف وجود الله الذي هو…

. ……………………………………………………………

. ……………………………………………………………

. فكرة للتأمــــــل : أية أشياء في مجتمعك تعلن عدم الاقتناع بالمذهب العقلي وتقود إلى شعور بالاعتماد على الغير ؟ ( وإن كانت وصلت معلومات يمكن أن تفكر في اختبارات الإدمان للمكيفـــات وغيرها )

- أي هذه العبارات تتفق مع القضايا البديهية ؟ ارسم دائرة حول الحرف -4

. الذي تراه صحيحا

. أ - كل الناس لديهم إحساس فطرى بالصواب والخطأ

. ب - يمكن أن يكون الناس بؤساء وأثرياء إن كان للحياة معنى

. ج - الضمير يدرك أن الله هو معطى الناموس

. د - الإحساس الكوني بالجمال يظهر وجود مصمم / خالق

. ه - لأن للفنانين إحساس بالقيم الجمالية فهم متدينون كثيرا

. فكرة للتأمـــــل :هل تجد قضية من القيم ( القيم الأدبية والجمالية) أكثر أو أقل ثباتا من المؤشرات سالفة الذكر ؟ كيف تؤسس هذه القيم في حياتك ؟

. - حدد أنواع المعرفة وعلاقتها بالاسم الذي يقدمه بويد والى العلاقة المذكورة – واكتب الأرقام الصحيحة في الأماكن الخالية -5

. أ - …….، ……. المعرفة عن طريق المواجهة مع أشخاص

. ب - ……. ، ……. معرفة تصنعها البديهيات

. ج - ……. ، ……. معرفة عن طريق ملاحظة التفاصيل

1- الحسابية 2- العلمية 3- الشخصية 1
4- أنا – أنت 5- أنا – وهى ( لغير العاقل ) 4
. 6 - أنا ولا شئ أكثر 6

فكرة للتأمــــل : هل فكرة أن الله شخص لها معنى أكثر بالنسبة لك عن الله كقوة خلاقة ( غير عاقلة ) ؟ هل تعتقد أن الله كشخص يريد أن يعلن ذاته للجانب العاقل في خليقته ؟

دراسة شخصية

- اقرأ في العهد الجديد رسالة رومية 1: 1 – 2 : 29 -1

ماذا تتعلم من 18:1 – 25 عن العلاقة بين الإنسان والله ؟

. …………………………………………………………………

. …………………………………………………………………

أي دليل للقضية الأخلاقية على وجود الله يمكن أن تجد في 18:1 و19 و 2 : 13 - 16

.. …………………………………………………………………

- اكتب باختصار مواضع القوة أو الاعتبارات الإيجابية للأدلة المتمثلة في -2

الكلمات الآتية :-

. الثانوي …………………………………………………………

. …………………………………………………………

. الأولى …………………………………………………………

. …………………………………………………………

. البديهي …………………………………………………………

. …………………………………………………………

- إن كان هناك كائن أسمى له معنى بالنسبة إليك فهل هذا يستتبع بأن كائنــا كهذا له صفات شخصية ويمكن أن يتصل بالإنسان ؟ لماذا ، أو لم لا في رأيك ؟ -3

.. …………………………………………………………………

.. …………………………………………………………………

. - هل تريد أن تكتشف حقيقة الله بواسطة المواجهة الشخصية – اختبار " أنا وأنت " ؟ -4

.. …………………………………………………………………

.. …………………………………………………………………

.. …………………………………………………………………

. - قدم لله صلاة قصيرة معبراً عن أعمق أفكارك ، وأحلامك وتساؤلاتك -5

……………………………………………………………………

……………………………………………………………………

 
اقتباسا من كتاب " مدخل إلى الإيمان المسيحي " /جوزيف راتسنجر (1)
. معجم الإيمان المسيحي / الأب صبحي حموي اليسوعي (2)
. ت .س . لويس كان كاتبا إنجليز يا وأستاذا وقد عاد من اللاأدرية إلى المسيحية . وهو معروف بكتبه التي كتبها عن الشعارات المسيحية (3)
. كاموس ( 1913 - 1960 ) و سارتر ( 1905 ) وكلاهما فرنسيان وهما من اشهر فلاسفة الفلسفة الوجودية المعاصرة - ولكتاباتهم تأثير كبير على التيار الفكري (4)
. فيكتور فرانكل الإنسان يبحث عن معنى . ولقد استخدم التعبير أصله مأخوذ من الكلمة اليونانية (لوجاس) التي تحمل معنى وكان تركيزه على معنى الوجود الإنساني كما كان أيضا عن بحث الإنسان عن معنى وبحسب قول فيكتور فرانكل الصراع من أجل إيجاد معنى لحياة الفرد هو القوة المحركة المبدأية والأساسية في الإنسان وهو يستخدم التعبير( ) ليشير عن المستقبل أكثر من الماضي كما يعمل في التحليل النفسي